بقلم محرر شؤون الاقتصاد: مصطفى عزيز الهامل
بقلم محرر شؤون الاقتصاد: مصطفى عزيز الهامل

مقالات مشابهة

تحليل اقتصادي

هبوط حاد في “وول ستريت” وتراجع للعملات الرقمية على خلفية التصعيد التجاري بين أمريكا والصين

بقلم محرر شؤون الاقتصاد: مصطفى عزيز الهامل
بقلم محرر شؤون الاقتصاد: مصطفى عزيز الهامل

في أسبوع اتسم بالتقلبات الحادة والقرارات السياسية المشحونة، تلقت الأسواق المالية ضربة موجعة على خلفية التصعيد الأمريكي المفاجئ ضد الصين، وما تبعه من ارتدادات عنيفة في أسواق الأسهم والعملات الرقمية. قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالتصعيد ضد الصين أشعل فتيل حرب تجارية جديدة، وأسواق المال ترد بفوضى عارمة، بينما العملات الرقمية تُسجل أكبر موجة بيع منذ مطلع العام، في مشهد يعيد للأذهان لحظات الانهيار المالي الكبرى، ويطرح تساؤلات مقلقة عن مآلات الاقتصاد العالمي في ظل الضبابية النقدية وتزايد الهزّات الجيوسياسية.

مع إعلان ترامب عن فرض رسوم جمركية إضافية على واردات الصين قد تصل إلى100% اعتباراً من نوفمبر المقبل، بدأت الأسواق العالمية ترجمة هذا القرار إلى أرقام قاسية، كان أولها نزيفاً حاداً في “وول ستريت” حيث فقدت أسهم التكنولوجيا وحدها ما يزيد على تريليون دولار من قيمتها السوقية.

 مؤشر “داو جونز” تراجع بـ878 نقطة، فيما هوى مؤشر S&P 500 بنسبة 2.7%، وانهار “ناسداك المُركب” بـ3.6%، في أسوأ أداء يومي منذ أبريل 2025، مدفوعاً بانهيار أسهم عمالقة التكنولوجيا مثل “أبل”، “إنفيديا”، و”ألفابت”. الذعر لم يقتصر على الأسواق التقليدية، بل انسحب سريعا إلى العملات المشفّرة، التي دخلت في دوامة هبوط جماعي.

وفقد “البيتكوين” أكثر من 8% من قيمته خلال ساعات، متراجعاً إلى حدود 111,361  دولاراً، فيما هبطت “الإيثيريوم” بنحو 12.6%، وسط موجة بيع مفاجئة أطاحت أيضاً “بسولانا”، و”باينانس كوين”، و”دوجكوين” التي كانت من بين أكبر الخاسرين.

خلفية الصدمة

ما أشعل الفتيل لم يكن مجرد تصريح سياسي، بل هو تحول جذري في النبرة الاقتصادية الأمريكية تجاه الصين. ترامب اتهم بكين باتخاذ “موقف عدواني للغاية”، على  خلفية إعلانها ضوابط جديدة لتصدير المعادن النادرة، وفرضها رسوماً جديدة على الموانئ، وفتح تحقيقات ضد شركات أمريكية. في المقابل، قررت واشنطن الرد بسلسلة من الإجراءات الانتقامية طالت كل شيء، من فول الصويا إلى البرمجيات الحيوية!

هذه التوترات التجارية انعكست بشكل مباشر على ثقة المستثمرين، الذين تخلوا سريعاً عن الأصول عالية المخاطر، متجهين نحو السندات الأمريكية والذهب، الذي تجاوز مستوى 4200 دولار للأونصة. كما ارتفع العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات إلى 4.58%، ما زاد من ضغط السيولة على باقي الأصول.

وقال أحد المحللين في “وول ستريت”، وهو يراقب الشاشة التي تنزف بالأحمر: “لسنا بصدد حرب تجارية جديدة، بل حرب وجود اقتصادي”.

العملات الرقمية… فريسة المضاربة

بالتوازي مع انهيارات “وول ستريت”، سجلت أسواق “الكريبتو” موجة تصفية ضخمة، فاقت قيمتها 16 مليار دولار خلال ساعات، مع تزايد التوقعات بتشديد السياسة النقدية في الولايات المتحدة. القلق من التضخم، وتشديد الفيدرالي، وارتفاع الدولار، كلها عوامل ساهمت في تحويل التصحيح الفني إلى حالة ذعر جماعي.

التصعيد الأمريكي ضد الصين كان بمثابة “الشرارة الكبرى”، إذ جعل بيئة الاستثمار “محفوفة بالمخاطر”، وضرب الثقة حتى في الأسواق البديلة التي كانت تُعتبر ملاذاُ في حالات الغموض. ورغم هذه التراجعات، قد تُمثل المستويات الحالية فرصاً للشراء إذا ما استقرت الأسواق، خصوصاً عند مستويات الدعم الحرجة (100 ألف دولار للبيتكوين، و3500 دولار للإيثيريوم).

ارتجاج الثقة الاقتصادية العالمية

 ما يحدث اليوم ليس مجرد تصحيح في الأسواق، بل ارتجاج في بنية الثقة الاقتصادية العالمية. فإذا كان عام 2018 شاهداً على أول شرارة حرب تجارية، فإن عام 2025 قد يكون موعد الانفجار الكامل. في هذا المشهد، لم تعد الأسواق تميّز بين الأسهم والعملات الرقمية أو الذهب، الكل بات يتحرك بمنطق الخوف، لا بمنطق التحليل.

وأوضح تحليل “مورغان ستانلي” بأن: “الأسواق بالغت في رد فعلها، لكن القلق مشروع نظراً لتاريخ التوترات السابقة”.

أبرز تصريحات الرئيس الأمريكي بخصوص الصين:

  • “الصين تتخذ موقفاً عدائياً، ولن نقف مكتوفي الأيدي.”
  • “التعريفات ستصل إلى 100% إذا لم تُغيّر بكين سلوكها.”
  • “القيود الصينية على المعادن الأرضية النادرة تهديد مباشر للاقتصاد العالمي.”

ما ينتظر الأسواق العالمية هذا الأسبوع:

  • بيانات التضخم وأسعار المنتجين في أمريكا.
  • نتائج أرباح شركات التكنولوجيا الكبرى.
  • رد الصين المحتمل على الرسوم الجمركية.