خفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سعر الفائدة الرئيسي بمقدار ربع نقطة مئوية، الأربعاء 17 أيلول/ سبتمبر، وتوقع أن يفعل ذلك مرتين أخريين هذا العام، مع تزايد قلق البنك المركزي بشأن صحة سوق العمل في البلاد.
يُعد هذا القرار أول خفض يُجريه الاحتياطي الفيدرالي منذ ديسمبر 2024، وقد خفض سعر الفائدة قصير الأجل من 4.3% إلى نحو 4.1%. وكان مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي، بقيادة رئيسه جيروم باول، قد أبقوا سعر الفائدة دون تغيير هذا العام أثناء تقييمهم لتأثير الرسوم الجمركية، وتشديد إجراءات الهجرة، وسياسات إدارة ترامب الأخرى على التضخم والاقتصاد.
وفي خطوة كانت متوقعة على نطاق واسع من قبل الأسواق، خفضت لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية سعر الاقتراض لليلة واحدة عند نطاق مستهدف يتراوح بين 4.25% و4%.
يُعد هذا القرار إشارة إلى تحوّل في السياسة النقدية نحو التيسير بعد فترة من التشديد، لأنه يرى أن المخاطر على سوق العمل والنمو بدأت تأخذ أهمية متزايدة. لكن الأثر لن يكون فورياً أو موحّداً، ففي بعض الدول سيأتي بفوائد أسرع، وفي البعض الآخر قد يثير تحديات، خصوصاً في ما يخص الاستقرار المالي أو التضخم المستورد.
المزيد من الخفض
وأشار مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي أيضاً إلى أنهم يتوقعون خفض سعر الفائدة الرئيسي مرتين إضافيتين هذا العام، ولكن مرة واحدة فقط في عام 2026، ما قد يُخيب آمال وول ستريت. وقبل الاجتماع، توقع المستثمرون خمسة تخفيضات لبقية هذا العام والعام المقبل. وقال الاحتياطي الفيدرالي، في بيان له بعد اجتماعه الذي استمر يومين: “لقد ارتفعت مخاطر تراجع التوظيف”.
أداء متباين للقطاعات الاقتصادية
جاء أداء القطاعات الاقتصادية متبايناً مع قرار الاحتياطي الفدرالي الأمريكي خفض الفائدة 25 نقطة أساس، حيث سجلت “وول ستريت” أداءً متبايناً في ختام جلسة متقلبة بعد قرار الخفض. وتماسك الدولار مقابل العملات الأجنبية، بينما تخلى الذهب عن قمته السعرية الجديدة، التي لامست 3,707 دولار للأونصة، بعد إشارة الاحتياطي الفيدرالي إلى المزيد من التيسير الكمي.
ما الذي تغيّر بعد قرار الخفض ؟
أولاً: الفائدة الجديدة للفيدرالي هي الآن بين 4.00% و4.25%.
ثانياً: هذا أول خفض للفائدة منذ ديسمبر 2024.
ثالثاً” الفيدرالي الأمريكي أشار إلى إمكانية حدوث تخفيضات إضافية حتى نهاية عام 2025
الآثار والتداعيات العالمية المحتملة
خفض الفائدة من قبل الفيدرالي الأمريكي بمقدار 25 نقطة أساس (0.25%) هو قرار ذو أهمية كبيرة ويمكن أن يكون له آثار متعددة على الصعد العالمية. بعض هذه التأثيرات ستكون مباشرة، وأخرى غير مباشرة، وقد تختلف من بلد لآخر حسب مدى تراكم الدين، السياسة النقدية المحلية، الاعتماد على التمويل الخارجي، وهيكل الاقتصاد، وغيرها من العوامل. فيما يلي أبرز التداعيات المحتملة:
- الاقتصاد الأمريكي الداخلي:
خفض الفائدة يهدف إلى تخفيف الأعباء على الاقتصاد الأمريكي، خصوصًا مع توترات في سوق العمل وضعف نمو التوظيف. قد يؤدي إلى تسهيل الاقتراض للشركات والأفراد، دعم الإنفاق الاستهلاكي والاستثماري. لكن الخطر أنه إذا بقي التضخم مرتفعاً، قد يستمر الضغط على الأسعار.
- أسواق المال الأمريكية:
غالبًا ما يتفاعل السوق الإيجابي مع خفض الفائدة، خصوصًا أسهم النمو، العقارات، القطاعات الحساسة للفائدة. لكن رد الفعل قد يكون صامتاً أو معتدلاً إذا كانت التوقعات قد تسعرت مسبقاً هذا الخفض. وبالفعل أظهرت الأسواق ردود فعل متباينة.
- أسواق السندات:
خفض الفائدة يُقلل العائدات على السندات قصيرة الأجل، وقد يُقلص التباعد بين العوائد قصيرة وطويلة الأجل. لكنه قد يرفع من طلب السندات طويلة الأجل، إذا توقع المستثمرون أن الفيدرالي سيستمر في سياسة التيسير النقدي. لكن هناك أيضاً مخاطرة بأن يخشى المستثمرون من التضخم أو من ركود اقتصادي.
- الدولار الأمريكي والعملات الأخرى:
يؤدي خفض الفائدة الأمريكي غالباً إلى ضعف الدولار، لأن العائدات على الأصول المقومة بالدولار تصبح أقل جاذبية للمستثمرين الأجانب. ضعف العملة المحلية يمكن أن يدعم عملات الأسواق الناشئة، لكنه قد يزيد من تكلفة الواردات لتلك الدول إذا كانت تستورد بالدولار.
- الأسواق الناشئة:
يُمكن أن تستفيد الأسواق الناشئة من الخفض الأمريكي بعدة طرق: تدفق رؤوس الأموال من المستثمرين الباحثين عن عوائد أعلى خارج الولايات المتحدة، تخفيف الأعباء على الدول ذات الديون بالدولار، تحفيز للصادرات إذا ضعف الدولار. لكن هناك مخاطر مثل التضخم المستورد، تقلبات العملة، ارتفاع تكلفة الطاقة أو السلع الأساسية التي غالباً ما تُسعّر بالدولار. وكذلك قد يكون هناك تأثير سلبي على البنوك أو المؤسسات المالية إذا تآكلت هوامش الربح.
- التجارة الدولية:
ضعف الدولار قد يجعل الصادرات الأمريكية أرخص، مما قد يوسع الطلب الأمريكي من الخارج. في نفس الوقت، الدول التي تستورد الكثير من السلع الأمريكية قد تدفع أكثر بعد الضعف النسبي للعملة. كما أن تكاليف التمويل للتجارة الدولية قد تنخفض قليلاً. لكن إذا ما صاحب خفض الفائدة ضعف في النمو الأمريكي، فقد يتراجع الطلب على الواردات من الولايات المتحدة.
- السلع والأسواق العالمية الخام:
تراجع الدولار أمام العملات الأجنبية غالباً ما يدعم أسعار السلع (الذهب مثلاً) لأنه يجعلها أرخص للمتداولين الذين يتعاملون بعملات أخرى غير الدولار. الطاقة والمعادن أيضاً قد ترتفع إذا تحسن الطلب العالمي بتحفيز من السياسة النقدية الأمريكية الميسّرة. لكن إذا ما صاحب ذلك قلق بشأن التضخم أو الاختلالات الاقتصادية، قد تكون هناك تقلبات.
- السياسات النقدية في الدول الأخرى:
قد تشعر البنوك المركزية في الدول الأخرى بضغوط للاستجابة — إما بخفض الفائدة أيضًا إن أمكن لدعم النمو، أو إذا كان التضخم متوسطًا أو مرتفعًا قد تحتاج للبقاء متشددة لمنع التضخم المستورد. وقد يؤثر ذلك أيضا في قرارات السياسة النقدية في أوروبا، آسيا، والأسواق الناشئة.
المخاطر المحتملة:
- التضخم المستمر: خفض الفائدة قد يزيد من الضغوط التضخمية إذا لم تنخفض بشكل كافٍ.
- فقاعات الأصول: تسهيلات الائتمان قد تدفع أسعار العقارات أو الأسهم إلى مستويات مفرطة.
- تدهور العملة لبعض الدول التي تعتمد بشكل كبير على استيراد السلع بالدولار.
- تآكل هوامش الربح للبنوك إذا انخفضت الفائدة التي تتقاضاها على القروض بينما تبقى تكلفة الأموال مقترنة بعوائد سابقة أو التزاماتها.
- تفاوت التأثيرات: الدول التي تمتلك بنية تمويل قوية، ديون منخفضة، أو بدائل سيولة متاحة، ستتحمّل بشكل أفضل؛ أما الدول الضعيفة اقتصادياً فقد تواجه صعوبة.










