إسلام سياسي

إيرلندا: السيناتورة شارون كيوغان تدق ناقوس الخطر بخصوص تمدّد الإخوان المسلمين

بقلم شيرزاد اليزيدي
بقلم شيرزاد اليزيدي

في الوقت الذي تشتد فيه الرقابة الأوروبية على الحركات المتطرفة، تدقّ إيرلندا ناقوس الخطر بشأن تمدد جماعة الإخوان المسلمين على أراضيها، وسط تحذيرات رسمية وأكاديمية من استغلال الجماعة للأجواء الديمقراطية لتوسيع نفوذها عبر واجهات دينية وثقافية واقتصادية.

في مؤشر جديد على تنامي خطر جماعة “الإخوان المسلمين” في البلدان الأوروبية، تتوالى الأصوات المُحذِّرة من مغبّة التهاون مع أنشطة الجماعة الهادفة إلى التمدد وتوسيع شبكاتها التنظيمية، بهدف استقطاب وتجنيد الأنصار، عبر واجهات تبدو في الظاهر ثقافية أو دينية، لكنها – كما يُحذر خبراء مكافحة الحركات المتطرفة والإرهابية – مرتبطة عضويا بالهيكلية التنظيمية للجماعة، التي لم يعد خافياً أنها بمثابة الأب الروحي لمختلف حركات الإسلام الحركي المتطرف عبر العالم.

في هذا السياق، تُواجه إيرلندا خطر السماح لجماعة الإخوان المسلمين بأن “تزدهر دون رقابة”، كما قالت السيناتورة شارون كيوغان، في مداخلة بمجلس الشيوخ، مُطالبة بفتح تحقيق في مدى تأثير هذه الجماعة في المجتمع الإيرلندي.

تحذيرات ومَطالب بالتحقيق

كيوغان، وهي سيناتورة مستقلة من مقاطعة ميث، حذّرت بأن الإخوان المسلمين مصنّفون كتنظيم إرهابي في الكثير من الدول، وآخرها الأردن الذي حظرها بعد كشف مُخططات تخريبية، وأن تنظيمهم يهدف لإعادة تشكيل المجتمع وفقاً لمبادئ الإسلام السياسي. وأضافت: “لدى الجماعة أثر مقلق هنا (أي في أيرلندا)”، متهمة الحكومة بأنها “فشلت في الاعتراف بتأثير الجماعة في إيرلندا والتعامل معه بحزم.

تصريحات كيوغان جاءت امتدادا لتحقيقات شُرع بها في أبريل الماضي، إثر إغلاق أكبر مسجد في البلاد، في كلونسكياغ، مقاطعة دبلن، على خلفية الاشتباه بـ “ارتباط بعض من يترددون عليه بتنظيمات تتبنى تفسيرا متشددا للإسلام”.

وطالبت كيوغان الحكومة ووزيرة العدل بفتح تحقيق كامل عن نفوذ جماعة الإخوان المسلمين في إيرلندا، مؤكدة بأنه “لا يمكننا أن نكون سُذّجاً. إن السلامة، والتماسك، وحتى سيادة جمهوريتنا تتوقّف على ذلك”.

السيناتورة الإيرلندية شارون كيوغان / D.R

هذه التحذيرات تُعيد طرح ملف خطر الإخوان ومستقبل هذه الجماعة في ظل ما تشهده المنطقة والعالم من تغيّرات. ويشير خبراء بأن الجماعة بالرغم من التضييق على الحركات الإسلامية المُتطرفة، السنّية منها والشيعية، كحزب الله في لبنان وحركة حماس في غزّة، على إثر تطورات المشهد الإقليمي عقب السابع من أكتوبر، لا زالت تُعوّل على تعزيز حضورها على الساحة الأوروبية، مستغلّة مناخات الحرية لتكريس تنظيمها، وبسط نفوذها في أوساط الجاليات المسلمة، ومحاولة التمدد داخل المجتمعات الأوروبية ككل.

التنظيم الأم يتكيّف ولا يتراجع

في حديث لـ “غلوبال ووتش عربية”، قال رائد العزاوي، مدير مركز الأمصار للدراسات الإستراتيجية في القاهرة، بأن “أهم أسباب هذه التحركات في إيرلندا لمواجهة خطر الإخوان هو زيادة وتيرة تحرك هذه الجماعة وتفرعاتها في الفضاء العام للبلاد، لدرجة التأثير في نمط الحياة اليومية ومحاولة فرض أنماط دخيلة عليها تتناقض مع القيم الديمقراطية للبلاد، ومع إنفاذ القوانين”.

وأضاف: “الجماعة تحاول أيضا التغلغل والسيطرة على مفاصل الاقتصاد والمال في البلدان الأوروبية، عبر رجال أعمال وشركات تابعة لها أو متعاطفة معها، بهدف تشكيل لوبيات اقتصادية كبيرة تؤثر على اقتصاديات تلك الدول وتحاول توظيفها لخدمة أجنداتها المشبوهة”.

وختم حديثه قائلا: “بالرغم من أن دولاً أوروبية، مثل النمسا وألمانيا، فرضت قيوداً وحظراً على عدد من الجماعات الإسلامية، كالإخوان وحزب الله، لكن المشكلة أن القوانين في البلدان الغربية تسمح بتأسيس جمعيات ثقافية ومراكز تعليم، وهو ما تستغله جماعة الإخوان للتحرك والتسلل، مُتكئة على مُرونة القوانين، ليس في أوروبا فقط، بل حتى في الولايات المتحدة الأمريكية”.

محاصرة الإسلام السياسي

من جهته، قال الباحث في العلاقات الدولية طارق سارممي، في تصريح لـ “غلوبال ووتش عربية”: “لم يعد خافيا أن الإخوان هم المهد الذي أفرز مختلف التنظيمات الجهادية، من القاعدة إلى داعش. والإخوان تنظيم معروف باعتماده أساليب التمويه والتغطية على حقيقة نواياه، عبر سياسة التقية التي يتبعها، محاولاً إظهار نفسه كتنظيم دعوي وسطي، وهو ما تدحضه الوقائع، كونه يهدف صراحة للوصول للسلطة في مختلف بلدان العالم الإسلامي”.

وأضاف: “هذه التحذيرات في إيرلندا، وأوروبا عامة، بمثابة ناقوس خطر يستدعي مراجعة آليات التعاطي مع نشاط الإخوان في الدول الأوروبية لتقييده أو حظره”.