كتاب

رواية “القبض على الأفق”: كابول بين الموت وإرادة الحياة

بقلم مارتين غوزلان
بقلم مارتين غوزلان

بين مشاهد الدمار التي تعصف بأفغانستان، البلد المنكوب بزلزالٍ أودى بحياة أكثر من ألفي شخص، والمتروك وحيدًا بين براثن طالبان ومشروعها الظلامي الساعي إلى محو النساء من الوجود، ينبثق صوتٌ من بين الركام ليقول لنا، إن كابول لا تزال حيّة.

ذلك الصوت هو للروائي الأفغاني خسرو ماني، الذي يكتب مباشرة بالفرنسية، وقد اختار أن يجعل من لغة منفاه في باريس – حيث يقيم منذ عشر سنوات – وسيلته للتعبير عن ذاته وعن وطنه الممزق. فحبّ لغة البلد الذي يحتضنك، كما يقول النقاد، ليس حكراً على الكتّاب الروس من طراز أندريه ماكّين، بل يسكن أيضاً أبناء الشرق الجريح الذين يحملون أوطانهم في الذاكرة واللغة.

في روايته «Rattraper l’horizon» (القبض على الأفق)، يصوّر الراوي، وهو ابن المُلّا القاسي في قريته النائية، رحلة هروبه من عالمٍ ريفيّ جحيميّ إلى ما يسميه «العالم الحقيقي»: كابول. هناك، في العاصمة الأفغانية التي تنزف من الحرب – بعد أحداث 11 سبتمبر ووصول القوات الأمريكية – يوجد بقايا حياةٍ تتشبّث بالضوء: متاجر موسيقى وأفلام، أسواق طيور حزينة، بيوت دعارة تخفي خلف جدرانها حكايات إنسانية، ومكتبة عجوز تبيع كتباً مثل «دون كيشوت» و«مغامرات هاكليبري فين».

يقول له صديقاه الجديدان، رفيقا التشرّد والعشق للفكر والموسيقى: «هنا، الجميع سُكارى!»

تتّسع آفاق الحياة تحت القمر الأفغاني الحسيّ، الذي يجعل من البغايا ملكاتٍ عاشقات، ومن الخراب فسحةً للحُلم. لكن كما في كل سُكرٍ جميل، يأتي الصحو في النهاية: فالجميع إمّا أن يموت، أو يرحل، أو يكتب.

هكذا يكتب خسرو ماني، ليعيد بعزمه وإيمانه كابول إلى الحياة، مدينةً منسوجة بالكلمات، تُبعث من جديد في فضاء الأدب الفرنسي.

الكتاب: Rattraper l’horizon
 المؤلف: Khosraw Mani
 الناشر: Actes Sud
 عدد الصفحات: 224 صفحة
 السعر: 21 يورو